التخطي إلى المحتوى الرئيسي

" ذات ليلة ☁️"

كانت ليلة قاسية البرودة .. سحبت الغطاء و أسندت الوسادة على الفراش و جلسة أُدفئ نفسي قليلا .. حملت أحد الكتب التي كنت أقرؤها .. فقرأت منه القليل ثم قطعت الكهرباء .. كان ذلك الشعور القاسي الذي أصاب به مع كل انقطاع للكهرباء ،أٓن أُجبر على ترك ما بدأت به .. فوضعت الكتاب جانباً .. و استلقيت على السرير .. كان صوت الهواء في تلك الليلة مخيفاً جداً .. كنت لا أميزه عن صوت إطلاق القذائف .. فبدأت أتخيل ذلك الطفل النائم على حافة الطريق و الآخر الذي كان يبيع علب المناديل .. و تلك العوائل التي أصبحت مساكنها إما بيت من خراب أو حديقة تعرت أشجارها من أوراق الربيع و لبست قسوة الشتاء .. كيف هي أحوالها مع تلك الأجواء .. بدأت تتسلل الدموع من عيني  فأغلقتها  بقسوة و أجبرت نفسي على النوم .. أنتظر الغد ، لأنتهي من تقديم احدى مواد الجامعة .. مرّ الليل على كل نائم بسكون .. و على من أرق بخوف و رعب شديدين .. و أتى الفجر و تلاه الضحى .. جهزت نفسي و خرجت سائرة للجامعة .. و ما إن اقتربت الساعة السابعة .. و إِذ بصوت الراجمة يسمع من اليمين و يتلوه صوت الدمار من اليسار .. ثم توالت أصوات القذائف و الصواريخ .. و أصوات سيارات الإسعاف من كل منطقة يسمع .. كانت تلك الساعة .. ساعة ذهاب الطلاب للمدارس و الموظفين للعمل .. في تلك الساعة سقطت دموع جدّاتٍ على أحفادهم ، خوفاً عليهم .. و أمهاتٍ على أطفالهم .. و زوجاتٍ على أزواجهم .. بدأت الإتصالات من كل فرد للآخر ..
- أين أنت ؟.. 
-عد للمنزل؟ .. 
-لا تخرجوا !.. 
-الوضع مخيف!!.. 
كنت حينها أسرع خطواتي فقد اقتربت جداً من الجامعة  .. و إذْ يسقط  من خلفي أحد الصواريخ على سيارة كانت من نصيبه .. سقَطْتُ من شدّة الصوت و شعرت أنّٓ الأَرض ترتجف من تحتي .. و كأن بركان سينفجر منها .. أسرعت و دخلت باب الجامعة و إذ بالدكاترة و المسؤولين جميعهم ينزلون الطلبة الى القبو .. لحظات و أصيب المبنى الجامعيُّ بعدة قدائف .. كان الخوف و القلق على وجوه الجميع .. و في تلك الأجواء .. انتبهت لهاتفي .. 
-أمي نعم .. أنا بخير ، لا تقلقي ،
 -عندما يهدأ الوضع سأعود فوراً ..
أغلقت بسرعة قبل أن أسمع لبكائها صوتا .. 
جلسنا في القبو مدّة ساعة و نصف .. ريثما هدأ الوضع .. و بعدها بدؤو يخرجوننا الواحد تلو الأخر .. خرجت و أنا أنطق الشهادة و أستودع الله روحي .. و عدّت أسير ذات الطريق الذي أتيت منه .. لكنه كان مختلفاً .. فقد صبغ بلون الدماء .. و  المصابون  مازالو على الرصيف ينتظرون سيارات الاسعاف .. أسرعت دون التفاف .. ووصلت المنزل بأمان .. أدركت يومها أن روحي ليست من الأرواح التي كتب عليها الفناء يومها .. وعدت أجهز لذلك اليوم .. فلا أعلم إن كانت النهاية على السرير .. أم تحت القصف و التدمير ..

٥-٢- ٢٠١٥ م
١٦-ربيع الاخر-١٤٣٦ هـ
ليست #حقيقة و لكن #واقع




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انتهت القصة قبل أن تبدأ 🍃

قلّبت الصفحات .. حتى انتهى الكتاب .. كانت النهاية صادمة .. طول فترة قرائتي لم يخطر لي لحظة أن تكون النهاية بهذه الصورة او بتلك الهيئة .. صدمت حقاً .. أغلقت الكتاب ووضعته جانبا .. و ألقيت بجسدي على الفراش .. أدور بمخيلتي يمنة و يسرى .. علّي أجد بين ما احتويته نهاية أفضل .. و لكن مهما غيرت و بدلت!! حقيقتها ثابتة.. مؤلمة ..صادمة .. كم من قصص في حياتنا كانت نهايتها صادمة .. و كم من أناس تخيلنا أننا لن نفقدهم في حياتنا .. كم من أصدقاء نقشنا معهم أحلام الطفولة  و في الجامعة تذكرناهم ذكرى جميلة.. كم من أشخاص دخلو حياتنا و فارقوها دون أن يودعو .. كم شغلت قلوبنا بأناس و أناس منهم من خرج بسكون .. و منهم من ترك مكانه فارغا .. و منهم من يستعيده عند الحاجة .. نعم قلوبنا مساكن .. فلنختر ساكينيها باتقان!! كم من شمعة أنرناها و أطفئت قبل أن نستفيد من ضيائها .. كم من حلم بنيناه في مخيلاتنا و لوناه على دفاترنا و هدمه واقعنا .. ليست نظرة تشائم بل واقع حياة .. لكن ... نهايتها أبسط من نهاية ذلك الكتاب .. فبأيدينا.. بكلماتنا.. بأفكارنا .. بتماسكنا .. و بأملنا .. بحبنا .. بصدقنا .. تكتب نهاية قصتنا .. فلن...

هل ترانا نلتقي ؟!

هل ترانا نلتقي أم أنها كانت اللقيا على أرض السراب ثم ولت وتلاشى ظلها واستحالت ذكريات للعذاب هكذا أسأل قلبي كلما طالت الأيام من بعد الغياب وإذا طيفك يرنو باسماً وكأني في استماع للجواب أولم نمضي على الحق معاً كي يعود الخير للأرض اليباب فمضينا في طريق شائك نتخلى فيه عن كل الرغاب ودفنا الشوق في أعماقنا ومضينا في رضاء واحتساب قد تعاهدنا على السير معاً ثم أعجلت مجيباً للذهاب أيها الراحل عذراً في شكاتي فإلى طيفك أنات عتاب قد تركت القلب يدمي مثقلاً تائهاً في الليل في عمق الضباب وإذا أطوي وحيداً حائراً أقطع الدرب طويلاً في اكتئاب وإذا الليل خضم موحش تتلاقى فيه أمواج العذاب لم يعد يبرق في ليلي سنا قد توارت كل أنوار الشهاب غير أني سوف أمضي مثلما كنت تلقاني في وجه الصعاب #مقتبس #نشيد
لم   يعنيني   جمال   الورد،   ولم   يعنيني   عبقه،   ولم   يشدني   ذلك   الاندهاش   عند   وصوله،   بل   سرح   تفكيري   مصورا   معاني   الاهتمام،   معاني   القرب   رغم   البعد،  معانٍ   عظيمة   شردت   فيها   بروحي   ذاهبة   في   مخيلتي   أقلب   في   الذاكرة   صورا   كثيرة،  مشتعلا   قلبي   بمشاعر   لا   يطفؤها   شكر،   أشغلتني   أكثر   مما  أشغلني   جمال   الورد   ورائحته، شغلني صاحبها عن عظيم جمالها، وروحه الني فاضت في، شغلتني  عن التمتع في النظر إليها، فتصورته ناظرة فيه، ملتمسة قربه ..   لكن   يدي   كانت   ممسكة   بها،  وعيني   ناظرة   إليها،    والذي   يرى   ابتسامتي   وجسدي   الساكن،  لا   يفهم   أين   أنا   بل   يران...